اقتصاد

معنى تحرير سعر الصرف لأسعار السيارات في مصر

من المرجح أن تشهد سوق السيارات في مصر تحولات جوهرية بفعل التطورات الاقتصادية الأخيرة، التي ترتبط بأكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ البلاد.

ففي إعلان يُعتبر غير مسبوق، تمت الموافقة على صفقة رأس الحكمة، والتي يتم بموجبها استثمار مليارات الدولارات في الاقتصاد المصري، مما يعد دعمًا كبيرًا للخزينة المحلية التي عانت على مدى السنوات الماضية من شح السيولة الدولارية.

أحد العناصر الرئيسية لهذه التحولات أيضاً هو تحرير سعر الصرف، حيث أصبح الدولار يتداول رسميا في حدود الـ 50 جنيهًا، كخطوة هامة نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي والتحكم في التضخم من خلال سعر مرن في سوق الصرف.

تأتي هذه التطورات في ظل تقلبات كبيرة شهدتها أسعار السيارات في الفترة الأخيرة، حيث تضاعفت الضغوط التضخمية وسجل سعر الدولار في سوق السيارات ارتفاعًا إلى 70 جنيهًا، وهو سعر السوق الموازية الذي سيطر على عمليات البيع والشراء.

وثمة ترقب واسع يحيط بمستقبل أسعار السيارات في مصر بعد الخطوات الأخيرة.

فالتوقعات تتراوح بين تحسن الأوضاع وانخفاض الأسعار مع تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وبين استمرار التذبذب والارتفاع في ظل تحديات الاقتصاد العالمي.

بينما يعبر الكثيرون عن تفاؤلهم بمستقبل أكثر استقرارًا لسوق السيارات في مصر، مع الأمل في تحقيق مزيد من الاستثمارات الأجنبية وتعزيز القطاعات الرئيسية.

ومع ذلك، يظل الترقب سيد الموقف في سوق السيارات، في انتظار تطورات الأحداث وكيف ستتشكل السياسات الاقتصادية للبلاد في المستقبل، حيث تظل تلك العوامل الرئيسية في تحديد مسار السوق السيارات المصري.

الاعتمادات المستندية

يرى عضو شعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية في مصر، منتصر زيتون، أن الحصيلة الدولارية الأخيرة التي دخلت مصر عن طريق استثمارات تطوير مدينة رأس الحكمة، فضلاً عن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، قد لا يكون لها مردود مباشر على أسعار السيارات “إلا إذا فتحت الدولة اعتمادات مستندية لاستيراد السيارات”.

ويشار إلى أن مشروع رأس الحكمة من المتوقع أن يدر استثمارات على مصر بمقدار 150 مليار دولار سيضخها الجانب الإماراتي على مدار عمر المشروع.

ويوضح عضو شعبة السيارات في حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن الأمر الوحيد الذي يمكن أن يفيد سوق السيارات الآن من السيولة الدولارية التي دخلت الدولة أخيراً، هو فتح تلك الاعتمادات لاستيراد مكونات الإنتاج، مشيراً إلى أن آخر مكونات إنتاج للسيارات دخلت السوق المصرية للتجميع المحلي كانت في شهر يونيو 2023، لذا يمكن للسيولة الحالية أن تساعد في دفع عجلة الإنتاج التي توقفت الفترة الماضية، وحينها ستتأثر أسعار السيارات، وستنخفض تدريجيا.

مليار و351 مليون دولار في أول تسعة أشهر من العام 2023، مقارنة بنحو مليار و565 مليون دولار في الفترة المقابلة في العام 2022.

ويبين خبير السيارات، أن المعروض في السوق حالياً مقوم بسعر 70 جنيهاً للدولار، وحتى اللحظة لم يُسجل تأثير كبير بعد تحرير العملة ووصول الدولار إلى 50 جنيهاً رسمياً وفي السوق الموازية.

ويوضح زيتون أن أسعار السيارات المستعملة كذلك مرتبطة بأسعار السيارات الجديدة في علاقة طردية، موضحاً أن أسعار السيارات مرتبطة بقانون العرض والطلب، لذلك تحتاج لبعض الوقت حتى تتأثر بتلك التطورات.

يؤكد عضو شعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية في مصر، في حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن ما أفسد سوق السيارات في الفترة الأخيرة هو ظهور شريحة المستهلك التاجر، وهم الأفراد الذين بدأوا يستثمرون في السيارات عن طريق شرائها وتخزينها لحين ارتفاع سعر الدولار، إلا أنهم لم يخفضوا سعر السيارات مع هبوط الدولار في الفترة الحالية.

وينوه الخبير بقطاع السيارات إلى أنه من بين الأسباب التي لم تؤدِ إلى انخفاض ملحوظ بنسبة كبيرة في سعر السيارات، ارتباط العائد الدولاري الذي دخل الدولة بـ “أولويات” تتمثل في تحرير السلع الأساسية المحجوزة في الموانئ والإفراج عنها في الجمارك.

وفقًا لتقرير مجلس معلومات سوق السيارات، سجلت مبيعات السيارات في مصر 90 ألفًا و359 مركبة متنوعة في 2023، مقابل 184 ألفًا و771 وحدة في الفترة نفسها من عام 2022 بتراجع 51 بالمئة.

وانخفضت مبيعات سيارات الملاكي بنسبة 48 بالمئة لتصل إلى 69 ألفًا و175 وحدة خلال 2023، مقارنة بنحو 133 ألفًا و857 مركبة في الفترة نفسها من عام 2022.

انخفاض طفيف

على الجانب الآخر، يعتقد نائب رئيس شعبة السيارات بالغرف التجارية، أسامة أبو المجد، بأن أسعار السيارات ستشهد استقراراً ثم انخفاضاً بعد توفير السيولة الدولارية؛ لأن أي مستورد  أو توكيل الآن سيطلب اعتماد مستندي لاستيراد السيارات سيتوفر له تدبير دولاري.

ويبين أبو المجد في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن أسعار السيارات انخفضت في الفترة الماضية بنسبة بين 5 إلى 10 بالمئة؛ على أمل أن تتوفر سيولة دولارية في الفترة المقبلة لصالح السيارات، ما سيؤدي لانخفاض الأسعار بنسب أكبر من المذكورة.

ويشير إلى أن العلاقة بين أسعار السيارات المستعملة والجديدة طردية، فإذا انخفضت أسعار السيارات الجديدة ستنخفض معها أسعار السيارات المستعملة والعكس.

الأسعار الحالية

وبدوره، يستبعد الخبير الاقتصادي، مصطفى بدرة، أن تشهد أسعار السيارات في الوقت الحالي انخفاضاً كبيراً، مرجعاً السبب إلى أن الوكلاء والتجار الكبار سيتمسكون بالأسعار الحالية حتى تتبين لهم ملامح السوق بشكل أوضح؛ لأنهم لن يجازفوا بمكاسبهم التي يمكن أن يحققوها من ارتفاع الدولار في السوق السوداء.

ويضيف بدرة في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن الأسعار ستبدأ بالانخفاض عند توفر العملة الأجنبية بالسوق، وحتى ذلك الحين ستظل أسعار السيارات في ارتفاع حتى يظهر تطور جديد مثل دخول سيارات جديدة إلى السوق المصرية، أو انخفاض الأسعار في سوق السيارات المستعملة، وبالتبعية أسعار السيارات الجديدة.

فيما يؤكد الخبير الاقتصادي، أن سبب عدم وصول أثر السيولة الدولارية حتى الآن بسوق السيارات هو تركيز الدولة المصرية على الإفراج عن السلع والمكونات الإنتاجية والسلع الغذائية الأساسية، موضحًا أن حدوث انفراجة في أسواق السلع الأخرى يمكن أن يخفض سعر الدولار، ويبدأ المستوردون في شرائه للإفراج عن السيارات المحجوزة في الموانئ، حتى تصل إليهم بشكل مباشر.

ويقدّر بدرة أن انخفاض أسعار السيارات سيحتاج إلى شهرين على الأقل، معتبرا أن انخفاض أسعار السيارات سيظهر هذه المرحلة في سوق السيارات المستعملة، ثم الجديدة بمجرد تدفق العملية الدولارية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى