اخبار عربية

الاعتراف بدولة فلس طين بات قريبا

طرحت الحرب الراهنة في غزة بين إس رائيل وحركة ح ماس، والتي تدنو من يومها الـ 120، تساؤلات عن مستقبل عملية السلام ومسار حل الدولتين، بما في ذلك الاعتراف الدولي بالدولة الفلس طينية عقب انتهاء الحرب، في الوقت الذي تتشدد الحكومة الإس رائيلية إزاء تلك الخيارات.

آخر تلك المساعي ما أشار إليه المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماتيو ميلر بأن إدارة الرئيس جو بايدن تسعى عن كثب لإقامة دولة فلس طينية مستقلة مع ضمانات أمنية لإس رائيل واستكشاف خيارات مع شركاء في المنطقة، باعتبار ذلك “أفضل طريقة لتحقيق سلام وأمن دائمين لإس رائيل والفلس طينيين والمنطقة”.

ورغم ذلك، يصف دبلوماسيون ومراقبون في حديثهم لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن التحركات الأميركية والإقليمية الراهنة لإقامة دولة فلس طينية “فرصة ذهبية” نحو تحقيق حلم الفلس طينيين، لكنها ستواجه بالعديد من التعقيدات على رأسها وجود حكومة إس رائيلية متشددة، واستمرار المخاوف من اتساع رقعة الصراع وتصاعد المواجهات بين الجيش الإس رائيلي وح ماس.

تحرك “أميركي – بريطاني”

لفت متحدث الخارجية الأميركية إلى أن هناك عدد من الطرق التي يمكنك اتباعها لتحقيق إقامة دولة فلس طينية مستقلة، موضحا أن “هناك عدد من تسلسل الأحداث التي يمكنك تنفيذها لتحقيق هذا الهدف، حيث نبحث مجموعة واسعة من الخيارات ونناقشها مع الشركاء في المنطقة وكذلك شركاء آخرين داخل الإدارة الأميركية”.

وبالتزامن مع تلك التصريحات، كشف موقع “أكسيوس”، أن وزير الخارجية الأميركي انتونى بلينكن طلب من المسؤولين في وزارته إجراء مراجعة وتقديم خيارات سياسية بشأن اعتراف أميركي ودولي محتمل بالدولة الفلس طينية بعد نهاية الحرب في غ زة.

بينما يقول المسؤولون الأميركيون إنه لم يحدث أي تغيير في السياسة الخارجية، اعتبر الموقع أن دراسة وزارة الخارجية مثل هذه الخيارات تشير إلى تحول في التفكير داخل إدارة بايدن بشأن الاعتراف المحتمل بالدولة الفلس طينية، وهو أمر حساس للغاية على الصعيدين الدولي والمحلي.

وعلى مدى عقود ، كانت سياسة الولايات المتحدة وغيرها من دول غربية، هي معارضة الاعتراف بفلس طين كدولة على المستوى الثنائي وفي مؤسسات الامم المتحدة والتأكيد على أن الدولة الفلس طينية يجب أن تتحقق فقط من خلال المفاوضات المباشرة بين إس رائيل والسلطة الفلس طينية.

إلى جانب ذلك، ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية، أن وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون أبلغ مجموعة من النواب في بلاده بأن الحكومة وحلفائها “سينظرون في مسألة الاعتراف بالدولة الفلس طينية، بما في ذلك في الامم المتحدة

وتربط الإدارة الأميركية، بين إنشاء دولة فلس طينية مستقلة، والجهود الرامية لتطبيع العلاقات بين السعودية وإس رائيل، في حين سبق لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن قال، في مقابلة مع شبكة “سي إن إن”، إنه لا يمكن تطبيع العلاقات مع إس رائيل دون حل للقضية الفلس طينية.

وتُقابل تلك الجهود الأميركية بمعارضة قوية من رئيس الوزراء الإس رائيلي بنيامين نتن ياهو الذي رفض مرارا الحديث عن إنشاء دولة فلس طينية مستقلة، حيث قال هذا الأسبوع إنه لن يتنازل عن “السيطرة الأمنية الإس رائيلية الكاملة على جميع الأراضي الواقعة غربي نهر الأردن”.

وقال مسؤول أميركي كبير لـ”أكسيوس”، إن البعض داخل إدارة بايدن يعتقدون الآن أن الاعتراف بدولة فلس طينية ربما يكون الخطوة الأولى في المفاوضات لحل الصراع الإس رائيلي الفلس طيني بدلا من كونها الخطوة الأخيرة، وهناك عدة خيارات لاتخاذ إجراءات أميركية بشأن هذه القضية، بما في ذلك:

أولا: الاعتراف الثنائي بدولة فلس طين.

ثانيا: عدم استخدام حق النقض (الفيتو) لمنع مجلس الامن التابع للأمم المتحدة من الاعتراف بفلس طين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة.

ثالثا: تشجيع الدول الأخرى على الاعتراف بفلس طين.

دولة منزوعة السلاح

ويبرز خيار الدولة الفلس طينية “منزوعة السلاح” على مقدمة الأفكار الأميركية والإقليمية، إذ سبق وأن أشار إليه عدد من قادة الدول المنخرطة في تلك القضية، في حين أوضح مسؤولان أميركيان أن بلينكن طلب من موظفي وزارته أيضا مراجعة ما ستبدو عليه الدولة الفلس طينية المنزوعة السلاح استنادا إلى نماذج أخرى من جميع أنحاء العالم.

وسبق أن اقترح نت ينياهو فكرة قيام دولة فلس طينية منزوعة السلاح عدة مرات بين عامي 2009 و2015، لكنه لم يشر إليها في السنوات الأخيرة، بل زادت معارضته للمبدأ بصفته العامة خاصة بعد هجمات السابع من أكتوبر.

وتضم حكومة نتني اهو قوميين متطرفين يعارضون حتى أي تحرك تجاه الدولة الفلس طينية، وسبق أن اعترف مسؤولون أمريكيون بأنه من المستبعد أن يوافقوا على مسار نحو إقامة دولة فلس طينية في المستقبل.

وقبلت الجمعية العامة للأمم المتحدة فلس طين كدولة مراقبة في عام 2012 لكنها لم تمنحها العضوية الكاملة.

تاريخ القضية

  • تعود قضية إقامة دولة فلس طينية مستقلة ضمن مسار “حل الدولتين” على الحدود التي رُسمت في أعقاب حرب 67 حيث تم رسم الخط الأخضر الذي يحدد الضفة الغربية وقطاع غ زة والقدس الشرقية التي يطالب الفلس طينيون بها عاصمة لدولتهم.

  • منذ 1947، تبنت الأمم المتحدة قرارا بتقسيم فلس طين مذيلا بخرائط تحدد حدود الدولتين، فيما شكلت القدس كيانا ثالثا تحت إشراف دولي، لكن القادة العرب رفضوا هذا المقترح في حينه.

  • في العام 1988، أصدر الزعيم الفلس طيني الراحل ياسر عرفات إعلان الاستقلال الذي تحدث لأول مرة عن “دولتين لشعبين”، معترفاً بذلك بدولة إس رائيل وبسيادتها على 78 بالمئة من فلس طين التاريخية.

  • كما كان حل الدولتين حجر الأساس لعملية السلام المدعومة من الولايات المتحدة والتي بدأت في اتفاقيات أوسلو عام 1993، التي وقعها ياسر عرفات من منظمة التحرير الفلس طينية ورئيس الوزراء الإسرائيلي اسحاق رابين

  • ونصت اتفاقيات أوسلو الموقعة عام 1993 على قيام دولة فلس طينية بحلول 1999 لكن ذلك لم يتحقق.

  • في عام 2000، اجتمع الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون مع عرفات ورئيس الوزراء الإس رائيلي إيهود باراك في كامب ديفيد للتوصل إلى اتفاق، لكن الجهود باءت بالفشل، حيث كان مصير القدس، التي تعتبرها إس رائيل عاصمتها “الأبدية وغير القابلة للتجزئة”، وتنظر إليها فلس طين بأنها “قطعة غالية من أراضيها”، العقبة الرئيسية في تلك المحادثات.

  • وفي منتصف 2003، عرضت اللجنة الرباعية للشرق الأوسط والتي تضم الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، خارطة طريق تنص على إقامة دولة فلس طينية بحلول 2005، في مقابل إنهاء الانتفاضة وتجميد الاستيطان في الأراضي الفلس طينية، ولم يتحقق ذلك أيضا.

  • نمت العقبات أمام إقامة الدولة الفلس طينية مع مرور الوقت، فبينما سحبت إس رائيل المستوطنين والجنود من غ زة في عام 2005، توسعت المستوطنات اليه ودية في أماكن أخرى، ويقول الفلس طينيون إن هذا يقوض احتمالات قيام دولة قابلة للحياة، وفق “رويترز”.

خطوة مهمة

وينظر مساعد وزير الخارجية الفلس طيني للأمم المتحدة، السفير عمر عوض الله، في حديث خاص لموقع “سكاي نيوز عربية”، إلى التحرك الأميركي والبريطاني الراهن لدعم الاعتراف بالدولة الفلس طينية المستقلة على أنها “خطوة متأخرة، لكنها مهمة للغاية في سبيل حصول الشعب الفلس طينى على حقه المشروع”.

وقال عوض الله إن “تلك الخطوات الغربية تُشير إلى أنه أصبح هناك نضوجا واضحا بضرورة إقامة الدولة الفلس طينية واستقلالها وإنهاء الاح تلال الإس رائيلي، من أجل الوصول إلى حل جذري للمشاكل التي تحدث في المنطقة، وكذلك للصراع الفلس طيني-الإس رائيلي بكل تبعاته، وبالتالي فالحديث الأميركي البريطاني عن الاعتراف بدولة فلس طين من المهم أن يربط بشكل مباشر بإنهاء الاح تلال الإس رائيلي من أجل تحقيق حق الشعب الفلس طيني في تقرير مصيره وتجسيد استقلال دولة فلس طين على الأرض”.

وشدد على أن “الأهم من تلك التصريحات، هو كيف يمكن المضي قدما للوصول إلى هذه الخطوة إن كان هناك تحركا جديا، وبالتالي يجب الاعتراف الفوري بدولة فلس طين ووضع الآليات الملائمة لذلك”.

وأضاف مساعد وزير الخارجية الفلسطيني أن الدولة الفلس طينية مقامة بشعبها وحقه في تقرير مصيره، وهناك قيادة شرعية لهذا الشعب، والخلل كان في الدول التي لا تعترف بدولة فلس طين خلال العقود الماضية، وبالتالي من المهم المضي قدمًا في بلورة تلك التصريحات إلى تحركات جادة على الأرض، وانسحاب الاح تلال خلف خطوط الرابع من يونيو 1967، تنفيذا لقرارات الأمم المتحدة والمنظومة الأممية، لأن هذا هو الشيء المنقوص في تلك المعادلة”.

مسعى لتجنب صراع كبير

بدوره، اعتبر الخبير الأميركي المتخصص في الشؤون الأمنية والإستراتيجية، سكوت مورغان، في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن تلك المساعي الأميركية تأتي لتجنب أن تتحول الحرب الراهنة إلى صراع كبير في المنطقة، ضمن خطتها لإحلال السلام وتجنب تفاقم الأزمات المُسلّحة.

لكن مورغان يشير إلى أن الاعتراف بالدولة الفلس طينية سيواجه بمعارضة داخلية إس رائيلية من حكومة نت ينياهو التي رفضت الحديث عن ذلك في أكثر من مرة، ويبدو أنه سيكون هناك ضغطًا من الإدارة الأميركية لتحقيق هذا الأمر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى